الجمعة، 28 نوفمبر 2025

كتاباتٌ على ورقٍ أصفر


هُنالِكَ،

تَقِفُ على مُفرَقِ جِدارَيْنِ

بَعْضُ العُشْباتِ،

تِلكَ الصغيراتُ،

لَم تَعْرِفْ زُهورُها اللِّقاحَ بَعدُ.

على أرضٍ غيرِ مُستقِرَّةٍ،

يَنتظِرُ جَوادِيَ الفاقدُ للسَّيرِ،

كما يَنتظِرُ قَلْبِي دقّاتٍ رُبَّما

كانَتْ لَهُ لَولا انحِصارُ الزَّمَنِ.


ذاتَ صَباحٍ، اسْتوقَفْتُ تاكْسِيًّا؛

كانَ يَنتَظِرُ الطَّعامَ،

فكُنتُ أوَّلَ قِطْعَةِ خُبْزٍ

تَدخُلُ جَوْفَه،

وكنتُ أوَّلَ مَن تَبَعْثَرَتْ

سَجائرُه على التابلوه.


لا أدْرِي كَيْفَ أُسْجِيتُ

على فِراشِي؟

وكَيْفَ اتَّشَحَتْ جُدرانِي

بالظَّلامِ؟

أنا لا أَرَى، لا أَسْمَعُ، لا أَتَكَلَّمُ؛

فقطْ أَشْعُرُ بتَوَقُّفِ الزَّمَنِ.


كَثيرًا ما كَذَبْتُ بادِّعائِي

اعتِناقَ سَجَّادَةِ الصَّلاةِ فورَ عَوْدَتِي

إلى المَنْزِلِ،

خَشْيَةَ أن أَخْضَعَ للتَّفْتِيشِ

اليَوْمِيِّ،

وتَخْضَعَ خُصْيَتِي للدَّعْسِ

لِتَطْمَئِنَّ مَن كانَتْ لِى

ألا أَسْتَحْوِذَ على غَيْرِها.


تَهَلَّلْتُ سُرورًا

حينَ كُنتُ أَبُولُ،

ووَجَدْتُ قَطَراتٍ مِن بَوْلِي

تُمَزِّقُ مِثانَتِي قَبْلَ الخُروجِ؛

فأَدْرَكْتُ أنَّ تَقَدُّمَ العُمْرِ

تَمَلَّكَ مِنِّي، فاطْمَأَنَّ قَلْبِي،

فليسَ هُنالِكَ داعٍ للتَّفْتِيشِ

مِن جَديدٍ.


لا أُحِبُّ الخَمْرَ،

فقط أَثْمَلُ وأَنْتَشِي

حَدَّ ذَوَبانِ جَسَدِي على أَرْضِيَّةِ غُرْفَتِي الخَشَبِيَّةِ.

تَتَبَخَّرُ مِنِّي قَطَراتٌ تَتَصاعَدُ

نَحْوَ السَّقْفِ، أَرَانِي فيها مُبْتَسِمًا،

واللَّيْلُ يُداعِبُني بِلَثْمِ شِفاهِهِ للسَّماءِ،

وَيَسْتَمْنِي سَحابَاتٍ لَم تَرَها

الرِّياحُ بَعْدُ.


وَحيدٌ أَنا كَقَمَرٍ

لَم يُجْهِدْ نَفْسَهُ في وَضْعِ جَوّالِهِ

على الشَّاحِنِ لِيَرَى كَمْ مُكالَمَةً

فاتَتْهُ في انتِظارِهِ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق