الاثنين، 8 ديسمبر 2025

 ألا عَرَفْتَ

رَشْفَةَ البُنِّ الصَّديقِ،

ثُمَّ إِشْعالَ عُودِ ثِقابِكَ الوَحيدِ،

لِيُلامِسَ شِفاهَ سِيجارتِكَ،

وبَعْدَها تَسْتَمْتِعُ رَقْصًا

مَعَ دُخانِها وَهِيَ تَحْتَرِقُ،

كَامْرَأَةٍ رَقَصَتْ عَلَى كَسْرِ زُجاجٍ،

فَتَسَاقَطَتْ دُمُوعُ قَدَمَيْها دَمًا في صَمْتٍ

مِنْ عَيْنَيْها.


أَفْرَغْتَ رَشَفَاتِ فِنْجانِكَ،

وَنَظَرْتَ إِلَيْهِ؛

أَلَا يُذَكِّرُكَ الطَّريقُ المَرْسُومُ داخِلَهُ،

بَعْدَما فَرَغَ مِنْ قَهْوَتِكَ،

بِالشِّتَاءِ،

بِالْبَرْدِ القارِسِ،

وَقَدِ انْفَضَّ كُلُّ مَنْ حَوْلَكَ،

إلَّا ذِرَاعَيْكَ

لِتَضُمَّهُما إِلَيْكَ،

وَتَتَذَكَّرَ يَوْمَها رَسائِلَ نَسِيتَها

عَلَى سَطْحِ مُحِيطٍ لِتَصِلَ

إلَى مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلَا يَصِلُكَ رَدٌّ.


تَنْفَرِطُ مِنْكَ –مُكْرَهًا– عَبْرَةٌ

كُنْتَ لَا تُحِبُّ أَنْ تَظْهَرَ.


تَلْتَقِطُ عَيْنَاكَ مَنْ هِيَ

قَابِعَةٌ فَوْقَ مَنْضَدَتِكَ،

لِتُشاهِدَ مِنْ أَلْوانِها بَعْضًا

مِنَ الهُرْمُوناتِ الأُنْثَوِيَّةِ؛

غَاضِبَةٌ في لَوْنِها الأَحْمَر،

سَعِيدَةٌ في لَوْنِها الأَصْفَر،

ومُرِيحَةٌ في لَوْنِها الأَخْضَر.


تَمُرُّ مِنْ أَمَامِكَ، تَرْتَدِي

المِئْزَرَ، وَتَحْتَضِنُ كُرّاساتٍ

لِتُخْفِي بَدَايَاتِ الأُنُوثَةِ خَجَلًا،

وأَنْتَ سَعِيدٌ بِلَقْطَةِ عَيْنَيْكَ

مِنْ حُمْرَةِ خَدَّيْها،

مُتَمَنِّيًا مُلَامَسَةَ أَطْرَافِ

أَصابِعِها الجَافَّةِ

مِنْ خَوْفِ أَوَّلِ لِقاءٍ.


مُتَأَلِّمًا، تَنْتَبِهُ لِتَسَاقُطِ

شَعْرَةٍ بَيْضاءَ عَلَى قَمِيصِكَ،

تُذَكِّرُكَ

أَنَّكَ تَجاوَزْتَ حَدَّ المَرَاهَقَةِ

لِمَزِيدٍ مِنَ العَيْشِ.

حَوِّلْ –يا صَدِيقِي–

إلَى نِظَامِ «خَرِيفِ العُمْرِ».

تُغْلِقُ الهاتِفَ.




الأحد، 7 ديسمبر 2025

 قُلتَ لِلَّاشَيْءِ:

اِصْنَعْ لِيَ وَقْتًا

كَيْ أَنْظُرَ فِيكَ.

فَكَمْ رَشْفَةٍ تَنْتَظِرُكَ،

وَكَمْ عُودِ ثِقَابٍ يَتَمَنّى الِاحْتِرَاقَ

لِأَجْلِكَ.


قُلْتُ لِلَّاشَيْءِ:

أَمْهِلْنِي وَقْتًا

يَنْتَظِرُ

مَعِي.

فَلَمْ يُجِبْ بِرَمادِيَّتِهِ

الْمَعْهُودَةِ.

الجمعة، 5 ديسمبر 2025

 كِلاهُما بَحَثا عنِ الدِّيمُقراطيَّةِ

في المَشاعِرِ،

لكنَّ فَخَّ الامتِلاكِ كانَ أكثرَ

احتِضانًا.


قد يَظُنُّ البَعضُ مِنَّا أنَّ الرَّفيقَ

رُبَّما يَتَقاسَمُ جَناحَيْنِ معَ رَفيقِهِ،

رُبَّما يَتَقاسَمُ حياةً آتِيَةً،

وذِكرياتٍ كانَتْ على أَمَلِ

لِقاءٍ مُنتَظَرٍ،

وحِكايا.


نَقْلًا عن جَريدَةٍ قَديمَةٍ،

فَتاةٌ تَخطُّ بالطَّبشورِ

على الأرضيَّةِ

قَلْبًا،

وكَفًّا تلتقِطُهُ

على أَمَلٍ أنْ يُساعِدَها

في تَناوُلِ المَشاعِرِ لاحِقًا.


عِندَما أعودُ إلى نَرجِسيَّتي

لا شَيءَ يُرافِقُني غَيْرَ

بَعضِ سَجائري وعُلْبَةِ ثِقابٍ،

وقدَحٍ صَغيرٍ مِنَ الخَزَفِ

فَرَغَ لِتَوِّهِ مِنْ بُنٍّ غامِقٍ.


كانَتْ أَصابِعُهُ تَرْتَعِشُ،

وكانَتْ أَصابِعُها كَذلِكَ،

ولَمْ يَشْعُرا أَنَّ عِناقَ كَفَّيْهِما

قَدْ سَقَطَ مُتَناثِرًا.


على رَصيفِ مِيناءِ مَدينَتي

أَنْتَظِرُ قارِبًا خَشَبِيًّا عُدَّ خُصوصًا

لِنَقْلِ عَبَقِ عِطْرٍ

 أُنثَوِيٍّ

مَعَ فارِقِ اللهجاتِ.

الاثنين، 1 ديسمبر 2025

 لا زَالَتِ الغُصُونُ

تُنبِئُ بِخَرِيفٍ كُلَّ يَوْمٍ،

ولا زِلْتُ أَشْعُرُ

أَنَّ الكِسَاءَ طَبَقَاتٌ

تَعْوِيضِيَّةٌ؛

فَلَوْلَانَا مَا كَانَ الدِّثَارُ.


كُنْ رَفِيقِي

لِفَتْرَةٍ مِنَ العُمْرِ؛

فَأَنَا أَحْتَاجُ رَفِيقًا

يُعْطِي بَعْضَ دِفْءٍ لِكَفِّي.


تَنْطَفِئُ شَاشَةُ الأَنْدْرُويدِ

شَيْئًا فَشَيْئًا وَأَنَا أَكْتُبُ،

وَلَا أَكْتَرِثُ أَنْ أَذْهَبَ

إِلَى الإِعْدَادَاتِ

وَأُطِيلَ زَمَنَ إِضَاءَةِ الشَّاشَةِ؛

لَوْلَا انْتِظَارُ الكَلِمَةِ

مَا كُنْتُ أَشْعَلْتُ سِيجَارَتِي،

وَانْتَزَعْتُ مِنْ عُمْرِ عُلْبَتِي

سِيجَارَةً؛

كُنْتُ لَا أَهْتَمُّ لَوْلَا اللَّحْظَةُ.


كُوبٌ فَارِغٌ

يَنْتَظِرُ قَصِيدَةً أُخْرَى لِيَمْتَلِئَ،

وَكُوبٌ آخَرُ

يَنْتَظِرُ شَفَاهِي.


حَالَتِي الآنَ مُتْعِبَةٌ؛

لَا بُكَاءٌ أَمْطَرَتْهُ العَيْنُ،

وَلَا قَلْبٌ قَدْ شُفِي.

رَافَقْتُ وَرَقَ الحَائِطِ،

وَانْغَمَسْتُ فِي مِرْآتِي،

أَرْهَقَتْنِي عَوَامِلُ الزَّمَنِ؛

فَلَا أَنَا مَنْ أُشَاهِدُهُ،

لكن من يشاهدنى  

مُطْمَئِنٌّ.

الجمعة، 28 نوفمبر 2025

كتاباتٌ على ورقٍ أصفر


هُنالِكَ،

تَقِفُ على مُفرَقِ جِدارَيْنِ

بَعْضُ العُشْباتِ،

تِلكَ الصغيراتُ،

لَم تَعْرِفْ زُهورُها اللِّقاحَ بَعدُ.

على أرضٍ غيرِ مُستقِرَّةٍ،

يَنتظِرُ جَوادِيَ الفاقدُ للسَّيرِ،

كما يَنتظِرُ قَلْبِي دقّاتٍ رُبَّما

كانَتْ لَهُ لَولا انحِصارُ الزَّمَنِ.


ذاتَ صَباحٍ، اسْتوقَفْتُ تاكْسِيًّا؛

كانَ يَنتَظِرُ الطَّعامَ،

فكُنتُ أوَّلَ قِطْعَةِ خُبْزٍ

تَدخُلُ جَوْفَه،

وكنتُ أوَّلَ مَن تَبَعْثَرَتْ

سَجائرُه على التابلوه.


لا أدْرِي كَيْفَ أُسْجِيتُ

على فِراشِي؟

وكَيْفَ اتَّشَحَتْ جُدرانِي

بالظَّلامِ؟

أنا لا أَرَى، لا أَسْمَعُ، لا أَتَكَلَّمُ؛

فقطْ أَشْعُرُ بتَوَقُّفِ الزَّمَنِ.


كَثيرًا ما كَذَبْتُ بادِّعائِي

اعتِناقَ سَجَّادَةِ الصَّلاةِ فورَ عَوْدَتِي

إلى المَنْزِلِ،

خَشْيَةَ أن أَخْضَعَ للتَّفْتِيشِ

اليَوْمِيِّ،

وتَخْضَعَ خُصْيَتِي للدَّعْسِ

لِتَطْمَئِنَّ مَن كانَتْ لِى

ألا أَسْتَحْوِذَ على غَيْرِها.


تَهَلَّلْتُ سُرورًا

حينَ كُنتُ أَبُولُ،

ووَجَدْتُ قَطَراتٍ مِن بَوْلِي

تُمَزِّقُ مِثانَتِي قَبْلَ الخُروجِ؛

فأَدْرَكْتُ أنَّ تَقَدُّمَ العُمْرِ

تَمَلَّكَ مِنِّي، فاطْمَأَنَّ قَلْبِي،

فليسَ هُنالِكَ داعٍ للتَّفْتِيشِ

مِن جَديدٍ.


لا أُحِبُّ الخَمْرَ،

فقط أَثْمَلُ وأَنْتَشِي

حَدَّ ذَوَبانِ جَسَدِي على أَرْضِيَّةِ غُرْفَتِي الخَشَبِيَّةِ.

تَتَبَخَّرُ مِنِّي قَطَراتٌ تَتَصاعَدُ

نَحْوَ السَّقْفِ، أَرَانِي فيها مُبْتَسِمًا،

واللَّيْلُ يُداعِبُني بِلَثْمِ شِفاهِهِ للسَّماءِ،

وَيَسْتَمْنِي سَحابَاتٍ لَم تَرَها

الرِّياحُ بَعْدُ.


وَحيدٌ أَنا كَقَمَرٍ

لَم يُجْهِدْ نَفْسَهُ في وَضْعِ جَوّالِهِ

على الشَّاحِنِ لِيَرَى كَمْ مُكالَمَةً

فاتَتْهُ في انتِظارِهِ.


السبت، 22 نوفمبر 2025

 قابِعَةٌ في

مَكمَنِ من جِدارٍ جانِبِيٍّ،

تَرَى المَشهَدَ المُعَدَّ

خِصِّيصًا لِسَرْدِ مَقالاتٍ

تَتَكَرَّر.

تُنصِتُ مَعَ مَن أَنصَتُوا

لِإصداراتِ الإذاعاتِ

المَحلِّيَّة،

أحلامٌ تَنمُو في أُمنِيّاتٍ

رُبَّما تَتَحَقَّق.


ما زِلتَ هَشًّا، أيُّها الفَتَى

القَديم؛

لَم تَقوَ أن تُحافِظَ على

العَلاقة،

فكان الهُروبُ مَخرَجًا

لِصالِحِكَ،

وسَيفُكَ في سِنَةٍ

مِن غِمدِهِ،

وأنتَ تُشاهِدُ، ولَم يُعِركَ

بُكاءُ جَوادِكَ، وتَناسيتَ.


...


عَلى يَسارِ الكُرسِيِّ

يَقِفُ العَامَّة،

وأنتَ لَم تَعُد كَسابقِكَ

الوَديعِ المَرجُوِّ مِنَ الله؛

فَلَم تَعُدِ القُبلَةُ تَصلُحُ

لِلصَّلاة،

ولَم يَعُدِ الجِدارُ يَستَوعِبُ

تَبَاكِي مَن أَتَوا.


لِذا ضَحِكَتْ مُثبَّتَةً في جِدارِها

وهيَ تَرَى تِلكَ الشَّمْعَاتِ تُنِيرُ

رَغمَ سُخرِيَةِ الرِّياح،

وضَحِكَتْ لِبَرَاءَةِ الفَساتِينِ

البَيضاء،

رَغْمَ ٱتِّشَاحِ أَسفَلِها بِالتُّراب.


ما جَعَلَنِي أُصَفِّقُ بِحَرارَةِ

الٱستِيعاب، وأَنتَشِي

بِضَغطَةٍ على زِرِّ الإضاءة،

قَبلَ أن تُجَزَّ رِقابُ مَن قالوا:

"نُحِبُّ"،

وقَبلَ أن تَرقُصَ كيتِي

ولا تُبالي.


الخميس، 20 نوفمبر 2025

الحَرْبُ تُميتُ
دَجاجاتِي،
فَلا بَيْضٌ،
ولا خُبْزٌ،
ولا زُبْدٌ.

نِساءُ بَلْدَتِنا يَبِعْنَ
الشِّيلانَ مُقابِلَ
نَوافِذَ بلا بُيوتٍ،
لِيُشاهِدْنَ زُرْقَةَ السَّماءِ
الأكثَرَ أمانًا،
رَغْمَ أنَّ الضَّرْعَ خاوٍ.

هُنالِكَ أيضًا أَطْفالٌ
تَبْكِي مُؤَخَّراتِهِمُ الصَّغيرةَ
مِن لَطَماتِ الشِّتاءِ المُتَلاحِقَةِ
في سُجونِ الِاحْتِلالِ.

وشُيوخُ المَلائِكَةِ لا تَقوَى
عَلَى العِبادَةِ،
وتَسْتَحِي مِنَ الدُّعاءِ.

صَخْرَتي وَحِيدَةٌ،
وأنا لا شَيْءَ،
وحَبيبَتي جُثَّةٌ زَرْقاءُ.

هَلْ تَذْكُرُنا رَسائِلُنا
القَديمةُ بِشَيءٍ مِنَ المُواساةِ؟
أَمْسِ التَقَيْنَا، وَكانَتْ
زُهُورُنا مُشْرَبَةً بِحُمْرَةِ
العُنْفُوانِ،
تَحْمِلُ عَزاءَنا الوَحيدَ
في عَدَمِ امتِلاكِ مَنْزِلٍ
ومَأْكَلٍ،
واليَوْمَ لا يَسَعُنا شَرْحُ
المَوْقِفِ.